يكن في هذه الدنيا اللاحبة ما يكون فيها من ذبول عتيق يليق بما تحمله في جفان كالجواب من هموم وكدر ولغوب ..!! وليكن فيها من المسغبة ما يورث الغصن الأملد بعد أن كان نضرا .. شحوبا وذبولا وعبوسا ..!! ثم تزيد من ضربتها عليه .. فيرفت وتذروه الريح في يوم عاصف فلا يعلم مستقره ومستودعه إلا هو ..!! ليكن فيها ما يكون من ذاك الوصب والنصب ..!!
فما يجعلها غضة إذ يغلبها ذاك الشجن والأسى .. إلا صفاء القلب من ما يعتمل في الظواهر ..!! ونقاؤه من عاديات الحياة وكدرها التي تعصف كل حين فمهما اعتلت التعاسة الوجوه .. واتخذ الحزن من طلعاتنا مقاعد للهم .. فإن في القلوب المطمئنة خضرة ونعيما لا يذهب بها ذبول الحقول التعيسة التي أضنتها الآبار المعطلة وذهب بحياتها قيظ السماوات ..!!
وذاك ما نجعله نحن في قلوبنا من حياة .. ولتعبس الدنيا ما شاء لها العبوس ..! فإن القلب الموصول بالملأ الأعلى يظل خضِرا حتى تذبل الدنيا جميعا من حوله ...!! ثم يصعد هو ولا يزال على هيئة الحياة ..!!
ذاك مثل القلب المطمئن بالله .. والقلب الملتاع بالهوى والشيطان وعبث الحياة ..!!